إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
232210 مشاهدة print word pdf
line-top
على المؤمن أن يصدق بالغيب

...............................................................................


وأما الأمور الغيبية التي أُخبرنا عنها فإننا نصدق بما قام عليه الدليل وإن كان من الغيب.
نصدق بالملائكة وإن لم يظهروا لنا؛ لأن الله أخبر عنهم وأخبرت عنهم الرسل، ونصدق بخلق الجن وإن لم يظهروا لنا عيانًا، ونصدق بوجود الشياطين، وأنهم خلق من خلق الله لا نراهم كما قال تعالى: إنهم يراهم هو وقبيله. يعني: هو ومن على مثله مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ فنصدق بوجودهم ونتحقق أنهم مخلوقون؛ خلقهم الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم يعني الله هو الذي أوجدهم وخلقهم فخلق هؤلاء أرواحًا مستغنية عن شعب تقوم بها بحيث إنها أرواح خفيفة لا يراهم البشر ولا تدركهم الأبصار؛ هم يروننا ونحن لا نراهم؛ لأنهم أرواح والأرواح خلق من خلق الله هكذا خلقهم.
وخلقهم لا شك أنه من عجيب أمر الله؛ ولأجل ذلك لما قصرت أفهام بعض الناس أنكروا وجودهم؛ أنكروا وجود الشياطين ووجود الملائكة ووجود الجن، وقالوا: ليس هناك شيء، لو كانوا موجودين لرأيناهم بمجهر والمكبر وهذه مكابرة؛ وذلك لأن الروح يخرقها البصر، فنحن لا نرى ملكًا متى نزل لقبض الروح، والملائكة يقدرون أيضًا أن يتشكلوا بأجساد مختلفة، وكذلك أيضًا الجن يقدرون على أن يظهروا بأشكال، فأحيانًا يكونون في صور حيوانات وأحيانًا يكونون على هيآتهم؛ أي أرواح بلا أجساد لا يراهم من أحد من البشر، ومع ذلك يتمكنون من الذهاب، ومن الكلام ومن المجيء والصعود والنزول إلى ما يسر الله أو أقدرهم عليه؛ حتى إن الله ذكر أنهم وصلوا إلى السماء.
قال تعالى حاكيًا عنهم: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا أقدرهم الله لخفة أجسامهم على ذلك، فنحن نصدق وإن لم نرهم، وذلك من الإيمان بالغيب الذي مدح الله تعالى أهل التقوى به في قوله تعالى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أي: يصدقون بكل ما غاب عنهم مما أخبروا به إذا كان الخبر من الله تعالى أو من رسوله عليه الصلاة والسلام؛ فإن الواجب التصديق وقبول هذه الأخبار، ولو استبعدها من استبعدها فما ذلك على الله بعزيز.

line-bottom